أفد في قمة "عين على الأرض" الأمن المائي: معرفة ما يجب أن نعرفه
قمة عين على الأرض - أبوظبي، 14 ديسمبر
2011 أدار أمين عام أفد نجيب صعب جلسة رئيسية في قمة "عين على الأرض" التي عقدت في أبوظبي. شاركت في الجلسة، التي حملت عنوان "الأمن المائي: ما يجب أن نعرف"، الدكتورة أسماء القاسمي، مديرة الأكاديمية العربية للمياه والعضو في مجلس أمناء أفد.
بعد عرض لحالة المياه في المنطقة العربية، قدم صعب ملخصاً للحلول التي يقدمها تقرير أفد الأخير حول الاقتصاد الأخضر. وتحدثت القاسمي عن أهمية التدريب وبناء القدرات في مجال المياه، معتبرةً أن النقص في المعارف والمهارات هو العائق الرئيسي في وجه تنفيذ سياسات مائية مستدامة. استضافت القمة هيئة البيئة - أبو ظبي بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة "يونيب".
هنا ملاحظات نجيب صعب، مدير الجلسة:
موضوع جلستنا هو الأمن المائي، معرفة ما يجب أن نعرفه.صدقوني، أن ما يجب أن نعرفه كثير جداً. التقرير حول المياه، الذي أصدره المنتدى العربي للبيئة والتنمية، أظهر أنه في وقت مبكر لا يتجاوز سنة 2015، وليس سنة 2025 كما كان الاعتقاد السائد، سيهبط معدل حصة الفرد العربي من المياه العذبة الى ما دون 500 متر مكعب في السنة، وهو ما يعتبر ندرة حادة. سنة 2015، أي بعد ثلاث سنوات من اليوم، ستهبط حصة الفرد السنوية من المياه العذبة الى 26 متراً مكعباً في الامارات وخمسة أمتار مكعبة في الكويت. هذه هي محدوديات الطبيعة، وكمية المياه التي على الأرض اليوم هي نفسها التي شربتها الدينوصورات قبل عشرات آلاف السنين. لكن هذه الكمية ستستمر في التضاؤل في المنطقة العربية بسبب آثار تغير المناخ، بينما يستمر السكان بالتزايد أضعافاً. الخيار المتبقي لكثير من البلدان هو بسد الفجوة بتحلية مياه البحر، وهي عملية شديدة الكلفة وغالباً ملوثة. مع هذا، فكمية المياه التي يهدرها الفرد للاستخدام الشخصي في بعض الدول التي تعتمد كلياً على التحلية، مثل الكويت، هي الأعلى في العالم إذ تتجاوز 500 ليتر يومياً. ومع هذا، تستمر ملاعب الغولف بالانتشار كالفطر، في بعض دول المنطقة الأكثر جفافاً، حيث يستهلك كل ملعب كمية من المياه العذبة تكفي لاحتياجات 16 ألف إنسان. ومع هذا أيضاً، يتم انتاج الحليب ومشتقاته باستخدام أعلاف مروية بمياه جوفية غير متجددة تتضاءل يومياً. حتى أن احدى دول المنطقة الأشد جفافاً أصبحت من أكبر مصدري الألبان. طبعاً يجب أن نعرف أن كل ليتر واحد من الحليب يحتاج الى ألف ليتر من المياه لانتاجه. وبالتأكيد يجب أن نعرف أنه ليس من الاستدامة في شيء أن نصدّر "المياه الأحفورية"، التي هي أكثر ندرة من "الوقود الأحفوري". يجب أن نعرف أنه بينما تستنفد الزراعة 85 في المئة من المياه العذبة في العالم العربي، لا تتجاوز كفاءة الري 30 في المئة، أي أننا نخسر 70 في المئة. كما يجب أن نعرف أنه، في ما عدا بعض النماذج النادرة مثل أبوظبي، تبقى 60 في المئة من مياه الصرف بلا معالجة، يعاد استخدام أقل من 30 في المئة منها.أكتفي بهذا، وأحيلكم على تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية حول المياه لمعلومات إضافية أشد وقعاً. فالمنطقة العربية تواجه كارثة مائية محدقة، ومعظم التدابير الحالية هي مجرد شراء للوقت. التقرير الأخير الذي صدر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية الشهر الماضي اقترح التحول الى الاقتصاد الأخضر كوصفة علاجية لتحقيق الاستدامة في جميع القطاعات، بما فيها المياه. وهنا بعض الأمثلة: التحول الى ممارسات الزراعة المستدامة توفر على الدول العربية بين 5 ـ 6 في المئة من الدخل القومي، نتيجة لتحسين انتاجية المياه والتراب وحماية الرأسمال الطبيعي. هذا يوازي 114 بليون دولار في السنة. يقدّر تقرير المنتدى أن على الدول العربية تخصيص 1,5 في المئة من دخلها القومي سنوياً للاستثمار في نظافة المياه وشبكات البنى التحتية وكفاءة المياه وتكنولوجيات المعالجة والتدوير الملائمة، وذلك لتلبية الزيادات المتوقعة في الطلب على المياه. هذا يتطلب استثمارات مقدارها 28 بليون دولار سنوياً، يمكن ترجمتها الى وظائف جديدة في المدن والأرياف. ويؤدي تخفيض الاستهلاك الفردي للكهرباء في الدول العربية الى المعدل العالمي فقط، من خلال تدابير الكفاءة، الى توفير 73 بليون دولار سنوياً. أما تخفيض الدعم على الطاقة بنسبة 25 في المئة فمن شأنه تحرير مئة بليون دولار خلال ثلاث سنوات، يمكن استخدامها لدعم تدابير الكفاءة والطاقة الخضراء وخلق ملايين فرص العمل. كما يؤكد تقرير المنتدى أنه اذا التزمت الحكومات العربية تخضير قطاع البناء بزيادة الاستثمارات بمعدل 20 في المئة، فهذا يخلق استثمارات اضافية تصل الى 46 بليون دولار. وإلى جانب الوفورات الناجمة عن الكفاءة التي تؤمنها هذه الاستثمارات، فهي تخلق وظائف جديدة بمعدل 10 في المئة. إن قرار ادخال الاقتصاد الأخضر في أجندة التنمية يفتح نافذة لاعادة نظر جذرية في السياسات العامة للدول العربية. غير أن هذا يتطلب التحول من "الاقتصاد الوهمي" الذي يقوم على بيع المواد الأولية والمضاربة في أسواق المال والعقارات، الى "الاقتصاد الحقيقي" الذي يقوم على الانتاج المستدام. فهو وحده القادر على حماية الرأسمال الطبيعي وخلق فرص عمل لائقة ومستقرة.
|