كتابات اخبار و مقابلات الكتب الافتتاحيات الصفحة الرئيسية
    English version  
       

للتواصل الافلام الصور السيرة رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية
امين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية
الافتتاحيات

البيئة العربية في 10 سنين
وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات. هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه التقرير الجديد للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وعنوانه "البيئة العربية في عشر سنين". وهذا التقرير هو العاشر في السلسلة السنوية عن وضع البيئة العربية، التي أطلقها "أفد" عام 2008.
المفكرة البيئية
البيئة في وسائل الاعلام العربي
لحم أقلّ لبيئة أفضل

نجيب صعب، العدد 212-213، تشرين الثاني - كانون الأول 2015

أصبحت التقارير السنوية عن وضع البيئة العربية، التي يصدرها المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، مرجعاً رئيسياً للمعلومات ومحركاً لإصلاحات في السياسات البيئية العربية. وقد خلصت التقارير السبعة التي صدرت حتى الآن إلى أن اعتماد أنماط ملائمة للاستهلاك يلعب دوراً محورياً في إنجاح خطط الإدارة البيئية. كما أظهرت هذه التقارير العلاقة المترابطة بين الطاقة والمياه والغذاء، خاصة مع تعاظم تأثيرات تغير المناخ. لكن حصْر المعالجة بزيادة الإنتاج لا يكفي لسد حاجات الجياع وتأمين المياه للعطشى، ولن يوصل الإنارة إلى جميع القرى المظلمة. كما أن الاكتفاء ببناء المزيد من المطامر والمحارق لن يحل مشكلة النفايات. وقد وجد تقرير «أفد» عام 2011 حول الاقتصاد الأخضر أن تعزيز الكفاءة هو أقل كلفة بكثير من زيادة كميات الإنتاج. فالأنماط الاستهلاكية غير الملائمة تكمن في أساس المشكلة، وأي حل قابل للاستمرار يستدعي تغييراً جذرياً في طريقة استهلاكنا للموارد وإنتاجنا للنفايات.

لهذه الأسباب تم اختيار الاستهلاك المستدام موضوعاً للتقرير السنوي الثامن للمنتدى. وهو يأتي متزامناً مع إقرار زعماء العالم في قمة الأمم المتحدة في نيويورك 17 هدفاً للتنمية المستدامة، ينص الهدف 12 منها على «الالتزام بأنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة».

ساهم الازدياد المتسارع في السكان والهجرة من الأرياف إلى المدن ودعم أسعار السلع والخدمات خلال العقود الماضية في ازدياد غير مسبوق للطلب على الطاقة والمياه والغذاء، وغيرها من الموارد الطبيعية المعرضة للنضوب في المنطقة العربية. وقد شهدت أنماط الاستهلاك في معظم البلدان العربية تغيّرات حادة، يدفعها النمو الاقتصادي والتطور التكنولوجي وعوامل ثقافية واجتماعية متعددة. عدد السيارات الخاصة يزداد على الطرقات، ورحلات الاستجمام والعمل بجميع وسائل النقل تتسارع وتعم شرائح أوسع من الناس، ويتوسع نطاق استخدام الأجهزة الكهربائية المنزلية والشخصية. ويرافق هذا تمايز كبير بين البلدان العربية وبين الشرائح الاجتماعية وسكان المدن والأرياف داخل كل بلد في أنماط الاستهلاك ومستوياته. وكما أن هدر الموارد الطبيعية قد يحصل بسبب مستوى الاستهلاك المفرط للأغنياء، فمن أسبابه أيضاً كفاح الفقراء من أجـل البقاء عن طريق الاستنزاف غير الرشيد للموارد.

يبقى قبول المستهلكين شرطاً أساسياً لوضع سياسات الاستهلاك المستـدام موضع التنفيذ. فإذا خفف المواطن العربي، مثلاً، معدل استهلاك اللحـوم الحمراء 25 في المئة، من 17 كيلوغرامـاً للفـرد في السنة حالياً، يمكن توفير 27 بليون متر مكعب من المياه، على اعتبار أن انتاج كيلوغرام واحد من اللحم يتطلب 16 متراً مكعباً من المياه. ومع زيادة عـدد سكـان البلدان العربية إلى 650 مليون نسمة سنة 2050، يصل التوفير إلى 45 بليون متر مكعب سنوياً.
 
ومن أهم استنتاجات تقرير «أفد» أن الحل ليس دائماً في تخفيف كمية الاستهلاك، بل في التحوّل إلى أصناف أخرى أقـل ضرراً بالبيئة ـ من اللحم إلى السمك والحبوب والخضار مثلاً، أو من الكهرباء المنتَجة من النفط والفحم إلى طاقة الشمس والرياح. وقد أيد استنتاجات «أفد» تقرير حديث صدر عن منظمة الصحة العالمية وفيه أن استهلاك كميات كبيرة من اللحم الأحمر واللحوم المصنّعة قد يزيد الاصابة بالسرطان بنسبة 18 في المئة.
 
ومن أجل معرفة كيف ينظر الناس إلى أنماط الاستهلاك وإلى أي مدى هم على استعداد لتبديل عاداتهم، أجرى «أفد» استطلاعاً موسعاً للرأي العام، استقطب 31 ألف مشارك من 22 بلداً عربياً. وقد وجد الاستطلاع أن الجمهور العربي على استعداد لكي يدفع أكثر لقاء الكهرباء والوقود والماء ولتغيير عاداته الاستهلاكية، اذا كان هذا يساهم في رعاية الموارد وحماية البيئة.
وعبرت أكثرية تجاوزت 80 في المئة عن قبولها بتغيير في العادات الغذائية وأصناف الطعام، مثل استبدال اللحم الأحمر بالدجاج والسمك، وزيادة استهلاك الخضار والفاكهة، التي هي أفضل للبيئة والصحة معاً، شرط توفير الأصناف البديلة بكميات كافية وأسعار مناسبة. وأظهر الاستطلاع اهتماماً متزايداً بكفاءة الطاقة، إذ قال أكثر من النصف إن مستوى استهلاك الكهرباء والوقود هو الشرط الأساسي الذي يحكم اختيارهم للأجهزة المنزلية أو للسيارة. واللافت أن غالبية كبيرة، وصلت الى 99 في المئة في بعض البلدان، تعتقد أن الحكومات لا تعمل ما فيه الكفاية لمعالجة المشاكل البيئية، وأن وضع البيئة في بلدانها تدهور خلال السنين العشر الأخيرة.
 
وقد وجد التقرير أن الدعم غير المتوازن لأسعار الماء والطاقة والغذاء يشجع على أنماط استهلاكية تتسم بالتبذيـر والهـدر، إذ يذهب 90 في المئة من أموال الدعم إلى الأغنياء. لكن هناك اتجاهاً واضحاً الى تغيير هذا النمط، بحيث بدأت ست دول عربية تطبيق إجراءات إصلاحية لنظام دعم الأسعار خلال السنتين الماضيتين.
 
لن تجدي كل برامج رعاية البيئة نفعاً ما لم تترافق مع تبديل جذري في العادات الاستهلاكية.
 
نجيب صعب
nsaab@afedonline.org
www.najibsaab.com

 

 

عودة
افلام الصور اخبار و مقابلات