كتابات اخبار و مقابلات الكتب الافتتاحيات الصفحة الرئيسية
    English version  
       

للتواصل الافلام الصور السيرة رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية
امين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية
الافتتاحيات

البيئة العربية في 10 سنين
وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات. هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه التقرير الجديد للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وعنوانه "البيئة العربية في عشر سنين". وهذا التقرير هو العاشر في السلسلة السنوية عن وضع البيئة العربية، التي أطلقها "أفد" عام 2008.
المفكرة البيئية
البيئة في وسائل الاعلام العربي
تجار الحروب... من البيئة إلى الشطرنج

نجيب صعب، العدد 104، تشرين الثاني 2006

كشف العدوان على لبنان نوعاً جديداً من تجار الحروب، الذين يعرضون خدمات قد تبدأ بحماية البيئة وتنتهي بالشطرنج. هؤلاء يصطادون الكوارث لبيع بضائع وخدمات كاسدة، تحت ستار المساعدات الانسانية العاجلة. ففي العجالة يمكن تمرير الغث مع السمين.
تلوّث الشاطئ اللبناني بالنفط فتح نافذة لمندوبي المبيعات والوسطاء المحليين والدوليين. وساعدهم في مهمتهم غياب خطة طوارئ وطنية للتعامل مع الكوارث، أكانت ناجمة عن الطبيعة أم الحروب والحوادث.

إحدى الشركات عرضت تنظيف محيط جزر النخيل قبالة طرابلس بمبلغ يتراوح بين خمسة ملايين وعشرة ملايين دولار، وفق المدة المطلوبة وهي تبدأ من ثلاثين يوماً وقد تصل الى تسعين. ويخصص نحو مليوني دولار من المبلغ لنقل المعدات إلى الموقع وسحبها منه عند انتهاء العمل. عندما طلب المسؤولون معلومات إضافية وتفاصيل عن التكاليف، أجاب مندوبو المبيعات انها غير مهمة، لأنهم في أي حال أمّنوا التمويل من جهة خارجية.

 

وإذ لم تحصل الشركة على موافقة سريعة للعمل في جزر النخيل، حولت اهتمامها إلى شاطئ آخر، وفق شروطها وأسعارها. أما جزر النخيل، فيتم تنظيفها الآن بمنحة من هيئة المساعدات الانسانية السويسرية لا تتجاوز قيمتها مئة ألف دولار، ينفذها مقاولون محليون، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لصون الطبيعة. وكانت اللجنة التي تتولى إدارة المحمية قد قامت بتنظيف أوّلي لشواطئ الجزر الرملية فور حصول التلوث، مما سمح للسلاحف البحرية بالحركة بلا عوائق خلال فترة التوالد.

 

بين المئة ألف والعشرة ملايين دولار فرق كبير، تم توفيره في جزر النخيل، لكنه قد يكون أهدر في مكان آخر، يضاف إلى فاتورة ''المساعدات الطارئة''. فهل يستفيد من هذه المساعدات البلد المعني أم صائدو الكوارث والوسطاء؟

 

وكانت دولة عربية قدمت هبة كريمة بواسطة إحدى المنظمات الدولية لمساعدة القطاع التربوي، فاشترت بها المنظمة مئات آلاف الحقائب المدرسية من مصدر خارجي، ليتبين أن سعرها يتجاوز ضعفي سعر البضاعة المشابهة المتوافرة من مصدر محلي. وإلى جانب فارق السعر، من قرر، أساساً، أن استيراد حقيبة مدرسية مع دفتر وقلم وممحاة يشكل أولوية تربوية؟

 

وكانت خاتمة شهر رمضان الفضيل زيارة إلى لبنان قام بها رئيس جمهورية لم نسمع بها قبلاً، إسمها كالميكيا. قابل بعض كبار المسؤولين والمعارضين، لشرح برنامج مساعدات ينوي تقديمها إلى لبنان الخارج من الحرب، فتبين أنه ينوي تزويد المدارس ببرامج كومبيوتر للتدريب على لعبة الشطرنج، وفق ما أفادت به الوكالة الوطنية للاعلام!

 

وما لبثنا أن علمنا أن كالميكيا هي احدى جمهوريات الاتحاد الروسي الواقعة على طرف أوروبا. عدد سكانها 300 ألف، معدل الدخل الشهري للعامل فيها عشرة دولارات، ويصفها موقع هيئة الاذاعة البريطانية بأنها ''أفقر المناطق الأوروبية وأكثرها تخلفاً، تفتقر إلى الخدمات الأساسية، وقد تحولت أرضها إلى صحراء بسبب سوء الممارسات الزراعية''. أما رئيسها الزائر كيرسان إليومجينوف، فهو من الأغنياء الجدد الذين ظهروا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. وقد قدم لكل ناخب مبلغ مئة دولار مع هاتف خليوي حين ترشح للرئاسة. وهو متهم بتحويل دخل بلده المتواضع إلى حساباته الخاصة. وتصفه جمعية ''مراسلون بلا حدود'' بأنه الأكثر قمعاً للصحافة في جمهوريات الاتحاد الروسي، حيث تم اغتيال رئيسة تحرير صحيفة المعارضة الوحيدة عام 1998 من قبل عملاء للسلطة، فاضطرت إلى الصدور في جمهورية مجاورة. ورغم الفقر المدقع في جمهوريته، فقد بنى الرئيس الكالميكي ''مدينة الشطرنج'' في العاصمة ''إليستا''، لأنه يحب هذه اللعبة، ويعتبرها أكثر أهمية من إطعام شعبه.

 

إليومزينوف هذا جاء إلى بيروت ليدعم برامج الشطرنج في مدارس ما بعد الحرب، ووجد من يستقبله ويكتب عنه.

 

الدول الواعية هي التي تضع أولوياتها، في البيئة كما في الاقتصاد والتربية، ولا تترك المهمة لتجار الحروب والكوارث. وقد سمعنا أن ''المال السائب يعلّم الناس الحرام''.

عودة
افلام الصور اخبار و مقابلات