كتابات اخبار و مقابلات الكتب الافتتاحيات الصفحة الرئيسية
    English version  
       

للتواصل الافلام الصور السيرة رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية
امين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية
الافتتاحيات

البيئة العربية في 10 سنين
وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات. هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه التقرير الجديد للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وعنوانه "البيئة العربية في عشر سنين". وهذا التقرير هو العاشر في السلسلة السنوية عن وضع البيئة العربية، التي أطلقها "أفد" عام 2008.
المفكرة البيئية
البيئة في وسائل الاعلام العربي
حقول اختبار بشرية

نجيب صعب، العدد 99، حزيران 2006

كنا في لجنة عينتها نقابة المهندسين في بيروت لوضع تقرير عن الخطوط الكهربائية ذات التوتر العالي، التي تعبر المرحلة الأخيرة منها فوق سطوح أبنية سكنية ومدارس في مناطق مكتظة بالبشر.
قدم ممثل عن مؤسسة الكهرباء عرضاً عن الوفر من انجاز الخطوط، إذ سترتفع كفاءة نقل الطاقة بمعدل إثنين في المئة. وأكد أن مؤسسة كهرباء فرنسا، التي قامت بالدراسة، أجرت تقويماً للأثر البيئي، باشراف البنك الدولي ممول المشروع، أثبت سلامته البيئية.
 زملاء عرضوا لدراسات تؤكد عدم وجود دليل على آثار ضارة على الصحة من الحقول المغناطيسية التي تتسبب بها خطوط التوتر العالي. وأبرزوا تقارير تشير إلى ان الأنظمة الأوروبية لا تمنع صراحة البناء قرب هذه الخطوط. لكنهم أشاروا أيضاً إلى تضارب الآراء وخوف الناس من الآثار الممكنة للحقول المغناطيسية، ما دفع بهيئات الاتحاد الأوروبي وحكومات كثيرة إلى العمل على مزيد من الدراسات التي تسمح بتحديد معايير علمية ثابتة حول الموضوع. وقد أوقفت هذه الحكومات بناء أية أبنية قرب خطوط التوتر العالي، أو تمريرها قرب أبنية موجودة، حتى تنتهي الدراسات.

 

وعرض زميل آخر تقريراً من هولندا، يقول إن خوف الناس من الحقول المغناطيسية يفوق الخطر الحقيقي المحتمل. ومع ان لا إثبات علمياً للخطر، يعتبر 61 في المئة من الهولنديين أن السكن قرب خطوط الكهرباء يشكل خطراً على الصحة. فكثير من جيران خطوط التوتر العالي يشكون من صداع ودوار وإرهاق. وحتى لو كانت هذه عائدة إلى الخوف والوهم، فهي تبقى مشاعر إنسانية لا يمكن إنكارها، خاصة حين تنعكس سلباً على الصحة. لهذا أوقفت الحكومة الهولندية الترخيص بالبناء قرب هذه الخطوط.

 

أحب بعض الزملاء أن يستنتجوا من هذه الملاحظات أنه إذا لم يكن هناك إثبات علمي للضرر من خطوط التوتر العالي، فيجب أن تنصح اللجنة بإكمال التمديدات. لكن حين سألناهم هل هم على استعداد للسكن في أبنية تقع تحت هذه الخطوط، أجابوا جميعاً بالنفي.

 

وذكّر زميل في اللجنة بأن قياس أثر الحقول المغناطيسية على الصحة لا يمكن أن يتم في المختبر، بل فقط من خلال دراسات إحصائية للاصابات. من أبرز الأمراض المحتملة سرطان الدم (لوكيميا) عند الأطفال، وقد ظهر ارتفاع ضئيل في نسبة الاصابة لدى المقيمين في جوار خطوط التوتر العالي، لكن لم يكن ممكناً التأكيد أن هذه الحالات ناتجة عن الحقول المغناطيسية.

 

ولكن الزميل لم يتنبه إلى أمرين: الأول أنه حين تتحدث التقارير الأوروبية عن حالات الخوف لدى السكان القريبين من خطوط التوتر العالي، فهي تشير إلى مسافات بعيدة مئات الأمتار، وليس إلى خطوط تمر فوق السطوح. والثاني أن المعلومات الاحصائية عن الاصابات المرتبطة بهذه الخطوط قليلة، لأن عدد الذين يسكنون قربها قليل، كما يوضح أحدث تقرير هولندي حول الموضوع. فهل يصبح أطفالنا حقول اختبار بشرية؟

 

أما تقرير الأثر البيئي الذي أعدته مؤسسة كهرباء فرنسا، فقد لاحظت اللجنة أنه يفتقر إلى عنصر رئيسي هو إشراك السكان المحليين في القرار، عن طريق مناقشة القضية معهم. ما حصل أن السكان الذين تمر الخطوط فوق رؤوسهم لم يعرفوا عن الموضوع إلا حين شاهدوا الأعمدة العملاقة ترتفع بين الأبنية. ولا قيمة لأي تقرير عن الأثر البيئي لا يشرك الأطراف المعنيين، وفي مقدمتهم سكان الجوار. لعل الشرح والنقاش كان أقنعهم، قبل أن تفاجئهم الأعمدة. ولعل بعضهم كان قرر اختيار مكان آخر للسكن.

 

قد يكون القرار، بعد حساب الربح والخسارة، أن يتم انجاز هذه الوصلة الأخيرة وفق المخطط المرسوم. لكن المطلوب ألاّ يتكرر اللعب بخيارات الناس. فللجمهور حق المعرفة والمشاركة في القرارات التي تؤثر على الحياة ونوعيتها.

 

نرجو ألا يتم، تحت صخب الصراعات السياسية، تهريب مشروع مثل الذي يُعد لاستثمار منطقة عذراء في جبال صنين، من دون إشراك الناس فعلياً في مناقشة الأثر البيئي. والناس المعنيون هنا هم اللبنانيون جميعاً، الذين يغطي المشروع 4 في المئة من مساحة بلدهم، في منطقة تحتوي على أهم خزانات المياه. نطالب بطرح المشروع على المناقشة العامة قبل إعطاء أي ترخيص. تماماً كما طالبنا باشراك الناس المعنيين في مناقشة دراسات الأثر البيئي لمشاريع الجزر السياحية الاصطناعية العملاقة في دول الخليج.

عودة
افلام الصور اخبار و مقابلات