كتابات اخبار و مقابلات الكتب الافتتاحيات الصفحة الرئيسية
    English version  
       

للتواصل الافلام الصور السيرة رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية
امين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية
الافتتاحيات

البيئة العربية في 10 سنين
وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات. هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه التقرير الجديد للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وعنوانه "البيئة العربية في عشر سنين". وهذا التقرير هو العاشر في السلسلة السنوية عن وضع البيئة العربية، التي أطلقها "أفد" عام 2008.
المفكرة البيئية
البيئة في وسائل الاعلام العربي
الطاقة بين الذعر و"اليقين العلمي"

نجيب صعب، العدد 60، آذار 2003

 

إعلان أبوظبي، الذي أصدره الشهر الماضي 16 وزيراً من 12 دولة عربية، اجتمعوا في مؤتمر للبيئة والطاقة استضافته عاصمة الامارات، جاء مخيباً للآمال. فبينما كان من المنتظر أن يخرج المجتمعون بتوجهات جديدة تعبّر عن روح العصر والحقائق العلمية والمعطيات البيئية، جاء الاعلان بمجموعة من التناقضات.

 

تحدث الاعلان بخجل عن مصادر الطاقة البديلة المتجددة. وبينما ذكر بحذر وجود هذه المصادر في المنطقة العربية، فالحقيقة أن المنطقة العربية كلها، من المحيط الى الخليج، تقع ضمن أغنى حزام شمسي في العالم، هو الأفضل لاستثمار الطاقة الشمسية. ولا يمكن اعتبار هذا تهديداً للنفط، اذ ان جميع الدراسات تؤكد أن النفط سيبقى، خلال السنوات الخمسين المقبلة، المصدر الرئيسي للطاقة ولمنتجات صناعية لا تحصى. ولكن هذا لن يوقف العلم عن الاستمرار في استنباط وسائل مجدية لاستثمار الطاقة المتجددة. على العرب المنتجين للنفط، إذاً، استغلال الدخل المضمون من النفط خلال العقود المقبلة في الاتجاه الصحيح، بتحويله الى تكنولوجيا. هكذا يصبحون شركاء في مصادر الطاقة المتجددة الآتية، لا مجرد مستهلكين لها.

يطالب الاعلان، عن حق، بتطوير تكنولوجيات لانتاج النفط واستهلاكه بأساليب سليمة بيئياً، وهذا ضروري في موازاة تطوير مصادر الطاقة المتجددة. غير أن الاعلان يتجاوز هذه الملاحظة الايجابية حين يتحدث بذعر عن التدابير الدولية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، ويناقض الحقائق العلمية بطرحه شكوكاً حول أسباب تغير المناخ، معتبراً أن اسناد هذه الظاهرة الى الانبعاثات الغازية من احتراق الوقود الاحفوري نظرية "ينقصها اليقين العلمي". ويخلص الى أن هذا "يضع النفط والغاز في محور اتهامات ويرتب تراجع الطلب العالمي عليهما والاضرار بمصالح المنتجين". لكن الاعلان يناقض نفسه، حين يدعو في مقطع لاحق الى "مساعدة البلدان العربية على تعبئة الموارد الكافية من أجل التكيٌّف مع الآثار الضارة لتغير المناخ وارتفاع منسوب البحر". فلماذا نحتاج الى التكيف مع الآثار الضارة لظاهرة نعتبر أنها مشكوك في أمرها وينقصها اليقين العلمي؟ وكيف نطالب بمعالجة الآثار ونتجاهل التصدي للمسببات؟

الاعلان يتجاهل أيضاً ان معدلات استهلاك النفط لا تحكمها فقط التدابير الاحترازية لظاهرة الاحتباس الحراري، بل تطوّر التكنولوجيا وتعديل أنماط التصنيع. فخلال السنوات الماضية، تم تطوير تكنولوجيات حديثة في الصناعة تستهلك طاقة أقل، ربما للتوفير أولاً، وحرصاً على الموارد والبيئة ثانياً. وقد تكون الولايات المتحدة البلد الوحيد في العالم الصناعي الذي ما زال يسعى الى توسيع استهلاك الطاقة التقليدية بأسعار رخيصة.

لقد أعرب الوزراء في الاعلان عن القلق من البرنامج النووي لبعض دول المنطقة "في المجال العسكري والسلمي المتعلق بتوليد الطاقة الكهربائية وما ينتج عنها من تأثيرات إشعاعية ضارة". وفي حين لم يتفقوا على ذكر اسرائيل بالاسم، خلطوا بين المفاعلات الذرية العسكرية وتلك المخصصة للبحث العلمي والاستعمالات السلمية. وليس في المنطقة أية دولة تمتلك محطة لانتاج الكهرباء من الطاقة النووية، فماذا يقصد الاعلان إذاً؟

كنا نتمنى أن يتحدى الاعلان الدول الصناعية المستهلكة، فيطالبها بتقاسم قيمة الضرائب المفروضة على النفط مع الدول المنتجة، اذا كان المقصود من هذه الضرائب، فعلاً، حماية البيئة. فالدول المنتجة تحتاج الى أموال اضافية أيضاً لتطوير أساليب انتاج نظيفة وحماية بيئتها وتنمية مجتمعاتها.

وكنا نتمنى أن يلتزم الاعلان بخطة محددة لدعم البحث العلمي في تطوير أساليب نظيفة ومجدية لانتاج الطاقة واستهلاكها من جميع المصادر المتوافرة، فنحوّل دخل النفط الى تكنولوجيا، ونحجز لأنفسنا مكاناً كشركاء لا مجرد مستهلكين.

هناك فارق كبير بين "اليقين العلمي" والذعر من عالم متغيّر.

عودة
افلام الصور اخبار و مقابلات