كتابات اخبار و مقابلات الكتب الافتتاحيات الصفحة الرئيسية
    English version  
       

للتواصل الافلام الصور السيرة رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية
امين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية
الافتتاحيات

البيئة العربية في 10 سنين
وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات. هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه التقرير الجديد للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وعنوانه "البيئة العربية في عشر سنين". وهذا التقرير هو العاشر في السلسلة السنوية عن وضع البيئة العربية، التي أطلقها "أفد" عام 2008.
المفكرة البيئية
البيئة في وسائل الاعلام العربي
لئلا نتحول إلى مكبّ للنفايات والتكنولوجيا

لئلا نتحول إلى مكبّ للنفايات والتكنولوجيا

 نجيب صعب، العدد 2، أيلول ـ تشرين الأول 1996

 

 قد تكون النفايات السامة أخطر العوارض الجانبية لبرامج التنمية الصناعية في العالم. غير أن الدول النامية تبقى الخاسر الأكبر في معادلة الصناعة ونفاياتها: ففي حين تستثمر الدول المتقدمة صناعياً الموارد الطبيعية للدول الفقيرة وترمي فيها نفاياتها، فهي ما زالت تمنع عن هذه الدول المشاركة الفعلية في التكنولوجيات والموارد اللازمة للتصنيع المحلي.

يعيش في البلدان النامية 78 في المئة من سكان العالم، وتحوي أرضها معظم احتياط المعادن العالمي، بينما لا يتعدى انتاجها الصناعي 14 في المئة من المنتجات المصنعة في العالم، ولا تستخدم محلياً أكثر من 12 في المئة من معادن الأرض.

غير أن الصناعات العاملة في الدول النامية، على قلتها، غالباً ما تتسبب في أضرار بيئية مضاعفة. فالتمدد الصناعي في معظم هذه الدول يحصل على نحو عشوائي بسبب إلحاح حاجات التنمية السريعة، ناهيك عن أن الدول النامية تفتقر الى المؤسسات والتكنولوجيات لتدعيم الضوابط البيئية. ومن المخاطر الكبرى إقامة مناطق صناعية ضخمة على أساس دراسات جدوى تضع المزايا الاقتصادية في المقام الأول وتهمل الآثار البيئية على المحيط الحيوي، كما على عمال المصانع الذين يعيشون في وحدات سكنية مكتظة على أطراف هذه المناطق الصناعية.

وتتفاقم المشكلة حين تقيم بلدان متقدمة بعض صناعاتها الضارة بالصحة على أراضي البلدان النامية، وتلقي بعضاً من أخطر نفاياتها فيها. واذا كانت الاتفاقات الدولية تساعد على الحد من التجارة بالنفايات الكيميائية، فان المسؤولية الأساسية تبقى على الشعوب والحكومات المعنية التي يجب أن ترفض جعل أراضيها ومياهها مكباً ومستودعاً ومحرقة لنفايات الآخرين. واذا كان البعض يعتبرون عملية نقل النفايات الخطرة عبر الحدود ودفنها وحرقها تجارة وتصديراً واستيراداً، فالحقيقة أنها عارض جانبي من مخلفات التصنيع في الدول المتقدمة. وهو عارض بشع وغير أخلاقي وغير قانوني.

إن التلوث الصناعي، وخاصة التلوث الجوي الذي يصيب العالم كله، ناتج أساساً من مصادر في الدول المتقدمة. وتستهلك الصناعة 37 في المئة من الطاقة، وينبعث منها 50 في المئة من ثاني أوكسيد الكربون و90 في المئة من ثاني أوكسيد الكبريت وغيرهما من المواد الكيميائية التي تهدد بتلاشي طبقة الأوزون. وتنتج الصناعة سنوياً 2100 مليون طن من النفايت الصلبة و338 مليون طن من النفايات الخطرة. واذا كان هذا هو ناتج النفايات من الصناعات الكبرى، ففي البلدان النامية ملايين الصناعات الصغيرة التي لا تخضع عادة لتنظيمات، ويتم التخلص من نفاياتها بلا معالجة، وتتسبب مجتمعة بمشاكل بيئية حادة.

وفي موازاة النفايات الكيميائية، يرتفع المخزون العالمي من النفايات المشعة الناتجة عن فضلات المفاعلات النووية. فمن المتوقع أن يصل حجم النفايات النووية المتراكمة والعالية الاشعاع الى مليون متر مكعب مع حلول العام 2000. وما زالت أساليب التخلص السليم من النفايات المشعة موضع جدل وشك. والى جانب الكميات الضخمة المطمورة داخل البلدان الصناعية نفسها، فقد تم نقل آلاف الأطنان من النفايات المشعة لطمرها في أراضي دول نامية في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.

لقد باشرت الدول الصناعية برامج جدّية للانتقال المبرمج من الانتاج العشوائي الى "الانتاج النظيف"، أي اعتماد أساليب تكنولوجية جديدة تقلل التلوث الصناعي وتخفف إنتاج النفايات وتعيد استخدام المواد الأولية، بدل النمط الاستهلاكي التقليدي القائم على التفريط بالموارد بلا قيود.

ليست النفايات السامة مشكلة مستقلة، ومعالجتها لا يجوز أن تحجب ضرورة تطوير معايير بيئية متكاملة تحكم خطط التنمية برمتها. فالمطلوب وضع سياسات بيئية واضحة، وخطط عمل تحفظ التوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية وحماية موارد الطبيعة. وهذا يستتبع اعتماد معايير جديدة للحسابات البيئية، وإدخالها في التخطيط الاقتصادي، وتطبيق تشريعات قانونية تفرض إجراء تقييم للأثر البيئي كشرط مسبق للموافقة على أي مخطط توجيهي أو مشروع صناعي أو إعماري.

لقد أصبح السجل البيئي النظيف للدول شرطاً أساسياً لاشراكها في برامج التنمية الدولية. والدول التي لا تعمل على تنظيف سجلها البيئي تعزل نفسها عن المجتمع المتحضر.

ولئلا نتحول الى مكب للنفايات والتكنولوجيا، لا بد من فتح ملفات الاجرام البيئي وحسمها، ونقل موضوع البيئة من الاشاعات والبيانات الى العلم والتخطيط.

عودة
افلام الصور اخبار و مقابلات