كتابات اخبار و مقابلات الكتب الافتتاحيات الصفحة الرئيسية
    English version  
       

للتواصل الافلام الصور السيرة رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية
امين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية
الافتتاحيات

البيئة العربية في 10 سنين
وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات. هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه التقرير الجديد للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وعنوانه "البيئة العربية في عشر سنين". وهذا التقرير هو العاشر في السلسلة السنوية عن وضع البيئة العربية، التي أطلقها "أفد" عام 2008.
المفكرة البيئية
البيئة في وسائل الاعلام العربي
ثورة خضراء" لحماية "الورقة الخضراء"

نجيب صعب، العدد 123، حزيران 2008

حين عقدت ''إكسون ـ موبيل''، أكبر شركة نفط في العالم، اجتماعها السنوي في مدينة دالاس الأميركية نهاية الشهر الماضي، لم يقتصر المتظاهرون الذين يطالبونها بتغييرات في سياساتها البيئية على الناشطين المتجمهرين في الشارع. فقد واجهت الشركة هذه المرة ثورة من الداخل، حين صوّت كبار المساهمين على تدابير تطالب الادارة باعتماد نهج جديد يأخذ المتغيرات البيئية في الاعتبار.

اللافت أنه كان على رأس ''الثورة البيئية'' داخل ''إكسون ـ موبيل'' عائلة روكفلر الأميركية، التي استقطبت تأييد مجموعة من كبار المساهمين. وتكتسب القضية أهمية مضاعفة حين نعلم أن جد عائلة روكفلر الأكبر، جون، هو مؤسس شركة ''ستاندرد أويل'' في القرن التاسع عشر، التي تحولت إلى "إكسون".

تميزت سياسات ''إكسون ـ موبيل'' عن غيرها من شركات النفط الكبرى خلال السنوات الأخيرة بأنها اعتبرت الاستثمار في الطاقات المتجددة مضيعة للوقت والمال، في حين كان منافسوها مثل ''شل'' و''بريتش بتروليوم'' و''توتال'' يخصصون بلايين الدولارات للاستثمار في مصادر متجددة وتكنولوجيات نظيفة.

العادة أن يثور المستثمرون على الادارة احتجاجاً على انخفاض الأرباح. غير أن ''إكسون ـ موبيل'' حققت أعلى العوائد في تاريخها، إذ وصلت أرباحها الى 11 بليون دولار في الربع الأول من هذه السنة. فأين تكمن المشكلة إذاً؟

الواقع أن حماية البيئة قد لا تكون الدافع الرئيسي لثورة المستثمرين، بل خوفهم الحقيقي من عدم القدرة على المنافسة والاستمرار في تحقيق الأرباح على المدى البعيد. فلن يمكن الهرب من الالتزام بتخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهي أساساً من الوقود الاحفوري، إلى النصف مع حلول سنة 2050، لتجنب الآثار الكارثية المتوقعة من تغير المناخ. وتزداد هذه المهمة صعوبة حين نعلم أن العالم سيحتاج إلى 50 في المئة من الطاقة الاضافية سنة 2030، لمواكبة التطور الاقتصادي العالمي، خاصة مع النمو المتسارع في الهند والصين.

ستكون هناك حاجة الى جميع مصادر الطاقة، تقليدية ومتجددة. ولن ينخفض انتاج النفط والغاز، لكن التكنولوجيات والاستخدامات ستتغير. فقد ولى زمن الهدر في استخدام الطاقة، وباتت الحاجة ملحة الى ترشيد الاستهلاك والحد من الانبعاثات. أما عصر الطاقة الرخيصة فقد انقضى إلى غير رجعة، والأسعار اليوم بدأت تعكس القيمة الفعلية للبترول كمورد مهم لكنه محدود وغير متجدد. ولا نعلن جديداً في هذا الموقف، إذ سبق أن كتبنا في ''البيئة والتنمية'' عام 2000 أن السعر الحقيقي لبرميل النفط يجب ألا يقل عن 100 دولار، وتوقعنا عام 2005 وصوله الى 200 دولار، إذا أخذنا في الاعتبار القوة الشرائية والتضخم.

الشركات الذكية تفهم اليوم أن الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة وتخفيض الانبعاثات هي الطريقة الوحيدة للربح في القرن الحادي والعشرين. وليست مطالبة مساهمي ''إكسون ـ موبيل'' بضخ استثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة ووضع حدود للانبعاثات حالة فريدة، بل أصبحت عنواناً لصراع البقاء لدى المستثمرين الأذكياء. العام الماضي أعلن بون بيكينز، من كبار رجال النفط الأميركيين، عزمه بناء أكبر مزرعة رياح في العالم، وما لبث أن وقع مؤخراً طلباً لشراء 667 مولداً بالرياح من شركة "جنـرال إلكتريك".

لورين بولسينغر، نائبة رئيس ''جنـرال الكتريك'' المسؤولة عن برنامج البيئة، قالت في مقابلة تنشر في هذا العدد من ''البيئة والتنمية'' ان الايرادات السنوية لشركتها من المنتجات والتكنولوجيات البيئية ستصل الى 25 بليون دولار سنة 2010. وهي تستثمر ثلاثة بلايين دولار لتطوير أساليب حديثة لانتاج الطاقة المتجددة. وأكدت بولسينغر أن "الأخضر" يعني لشركتها حماية البيئة، كما يعني نمو ''الورقة الخضراء''، أي الدولار. مفهوم التناقض بين حماية البيئة وتنمية الأعمال سخيف وتجاوزه العصر.

إذا لم تنجح ثورة المساهمين، فإن شركات مثل ''إكسون ـ موبيل'' ستصبح سريعاً جزءاً من الماضي. وعلى الشركات العربية أيضاً، في زمن العولمة، أن تقرأ الكتابة على الجدران وتفقه علامات الأزمنة.

عودة
افلام الصور اخبار و مقابلات