أصبحت التقارير السنوية عن وضع البيئة العربية، التي يصدرها المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، مرجعاً رئيسياً للمعلومات ومحركاً لإصلاحات في السياسات البيئية العربية. وقد خلصت التقارير السبعة التي صدرت حتى الآن إلى أن اعتماد أنماط ملائمة للاستهلاك يلعب دوراً محورياً في إنجاح خطط الإدارة البيئية. كما أظهرت هذه التقارير العلاقة المترابطة بين الطاقة والمياه والغذاء، خاصة مع تعاظم تأثيرات تغير المناخ.
لكن حصْر المعالجة بزيادة الإنتاج لا يكفي لسد حاجات الجياع وتأمين المياه للعطشى، ولن يوصل الإنارة إلى جميع القرى المظلمة. كما أن الاكتفاء ببناء المزيد من المطامر والمحارق لن يحل مشكلة النفايات.
فالأنماط الاستهلاكية غير الملائمة تكمن في أساس المشكلة، وأي حل قابل للاستمرار يستدعي تغييراً جذرياً في طريقة استهلاكنا للموارد وإنتاجنا للنفايات. لهذه الأسباب يصدر التقرير السنوي الثامن حول "الاستهلاك المستدام من أجل إدارة أفضل للموارد في البلدان العربية"، لبحث مساهمة تعديل العادات الاستهلاكية في إدارة أفضل للبيئة، وصولاً إلى تحقيق التنمية المستدامة. ويأتي هذا التقرير متزامناً مع إقرار زعماء العالم لأهداف التنمية المستدامة، التي ينص الهدف 12 منها على "الالتزام بأنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة".
يتطلب تغيير العادات الاستهلاكية جهوداً حثيثة في التربية والتوعية، تترافق مع مزيج من السياسات الحكومية واستراتيجيات قطاع الأعمال ومبادرات المجتمع المدني والأكاديمي ووسائل الإعلام. غير أن قبول المستهلكين يبقى الأساس لوضع السياسات موضع التنفيذ. ومن أجل معرفة كيف ينظر الناس إلى أنماط الاستهلاك وإلى أي مدى هم على استعداد لتبديل عاداتهم، أجرى "أفد" استطلاعاً موسعاً للرأي العام، استقطب 31 ألف مشارك من 22 بلداً عربياً. وقد وجد الاستطلاع أن الجمهور العربي على استعداد لكي يدفع أكثر لقاء الكهرباء والوقود والماء، ولتغيير عاداته الاستهلاكية، اذا كان هذا يساهم في رعاية الموارد وحماية البيئة.
يأمل "أفد" أن يساعد تقريره حول الاستهلاك المستدام الدول العربية على اعتماد سياسات ملائمة تفضي إلى إدارة أفضل للموارد الطبيعية، وتشجع الناس على تغيير عاداتهم الاستهلاكية لتعزيز الكفاءة وتخفيف الهدر.
|