كتابات اخبار و مقابلات الكتب الافتتاحيات الصفحة الرئيسية
    English version  
       

للتواصل الافلام الصور السيرة رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية
امين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية
كتابات

البيئة العربية في 10 سنين
وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات. هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه التقرير الجديد للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وعنوانه "البيئة العربية في عشر سنين". وهذا التقرير هو العاشر في السلسلة السنوية عن وضع البيئة العربية، التي أطلقها "أفد" عام 2008.
المفكرة البيئية
البيئة في وسائل الاعلام العربي
الرأي العام العربي والبيئة: ملاحظات وعبر

الرأي العام العربي والبيئة:

 - 2000 ملاحظات وعبر

 

العبرة الرئيسية التي نخرج بها من تحليل نتائج الاستطلاع البيئي الأول للرأي العام العربي هي أن الجمهور يجمع على أن وضع البيئة يسوء، ويطالب بالعمل لتحسينه، ويضع اللوم الأساسي في التدهور البيئي، وفي مسؤولية معالجته، على الحكومات. كما أن نسبة كبيرة من المشاركين. أيدوا استعدادهم لدفع ضرائب أعلى اذا كانت مخصصة لرعاية البيئة، وللمشاركة الشخصية في تعديل أنماط حياتهم وعاداتهم الاستهلاكية وممارساتهم اليومية من أجل المساهمة في وقف التدهور البيئي.

شارك في الاستطلاع أفراد من 18 بلداً عربياً هي: لبنان، سورية، الأردن، فلسطين، العراق، السعودية، الكويت، الامارات العربية المتحدة، قطر، عمان، البحرين، اليمن، مصر، السودان، المغرب، تونس، ليبيا، الجزائر. وتم توزيع الاستمارات داخل مجلة "البيئة والتنمية" وعبر تلفزيون المستقبل الفضائي ومن خلال الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وجاءت الإجابات إما كتابة أو على الانترنت. وقامت المؤسسة العربية للدراسات والبحوث الاستشارية (PARC) بتحليل الاستمارات، وفق المعايير المعتمدة عالمياً. واعتبر المحللون العيّنة معبّرة عن الجمهور المستهدف، اذ انها وصلت الى شرائح متنوعة من الناس. وهذا يجعل من الاستطلاع الأول من نوعه في العالم العربي. وقد أعدت الاستطلاع وأدارته مجلة "البيئة والتنمية"، بالتعاون مع الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة من جامعة الدول العربية والمكتب الاقليمي لغرب آسيا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ودعمه تلفزيون المستقبل الفضائي بحملة غطت جميع أرجاء العالم العربي.

رأت غالبية المشاركين في الاستطلاع (85,6%) أن وضع البيئة حيث يعيشون أصبح أسوأ خلال السنوات العشر الأخيرة، وأرجع معظمهم (97,8%) سبب هذا التدهور الى النشاطات البشرية وتدخل الانسان وليس الى قوى الطبيعة. وقال معظم المشاركين (70%) أن الاستمرار على هذه الحال سيجعل البيئة المحلية والعالمية أسوأ بعد خمسين سنة، بينما رأت أقلية (30%) أنها ستصبح أفضل.

واللافت شبه إجماع بين المشاركين (97%) في تأييد عمل أقوى من الحكومات لوقف التدهور البيئي. ويبقى هذا الإجماع عالياً لكنه ينقص قليلاً (92,5%) في تأييد قوانين صارمة للحد من التلوث الصناعي وغيره. غير أن الظاهرة المشجعة والمثيرة هي أن غالبية المشاركين (77%) أبدت استعداداً كاملاً لدفع ضرائب أعلى اذا كانت ستستخدم لحماية البيئة.

وبينما صنف حوالي خمس المشاركين (21%) البيئة في بلدانهم على أنها جيدة وحتى ممتازة، اعتبرتها الغالبية (78%) بين مقبولة وسيئة. وقد تميز جمهور دول الخليج بتصنيف وضع البيئة في بلدانه في خانة الايجابية، بينما اعتبرت غالبية الجمهور في دول المشرق أن وضع البيئة في بلدانهم يتصف بالسلبية. ويمكن إرجاع النسبة العالية من الرضى عن الوضع البيئي لدى جمهور دول الخليج العربية، الى الاهتمام بالموضوع على أعلى المستويات السياسية، والمشاريع الكثيرة التي تم تنفيذها في تشجير مساحات كبيرة من الصحراء وتخضير المدن، وحماية البيئة، في حين تكون مشاريع التنمية أكثر حساسية في بلدان المشرق. ولا بد أيضاً من الاشارة الى مستوى الوعي البيئي وبحث موضوع البيئة في وسائل الاعلام، اذ كلما ازداد شيوع المفاهيم البيئية وعرض قضاياها في وسائل الاعلام، تنبّه الجمهور أكثر الى المشاكل وتكوّن لديه الوعي بطرق الحفاظ على البيئة.

وأظهر الاستطلاع أن غالبية تجاوزت 90% سمعت بمعظم المصطلحات البيئية الشائعة في العالم اليوم، مثل ثقب الأوزون وتلوث الهواء والمطر الحمضي والتنوع البيولوجي والتصحر. وتبين أن الجمهور على معرفة جيدة بالمصطلحات التي تروّجها وسائل الاعلام الغربية عن البيئة العالمية، حتى حين لا يكون لها علاقة مباشرة بوضعه، مثل طبقة الأوزون. وجاء تلوث الهواء في رأس المصطلحات الشائعة عربياً، بنسبة قاربت المئة في المئة. وجاءت مصطلحات مثل "التنمية المستدامة" في أسفل القائمة، اذ تبين أن واحداً من كل ثلاثة لم يسمع بها. وهذا يبين ميل الجمهور الى معرفة المصطلح الذي يمكنه ربطه بسهولة بالواقع اليومي. غير أن مقدار المعرفة بالمصطلحات البيئية يبقى ممتازاً، ويعطي مؤشراً إيجابياً يمكن استثماره في تطوير المعرفة اللفظية الى فهم أعمق للمشكلة.

وفي حين يضع معظم الجمهور (95%) مسؤولية حماية البيئة على الحكومات، الا أن قسماً كبيراً يعتقد بوجوب مشاركة قطاعات أخرى مثل الأفراد العاديين (82%) والمنظمات الاقليمية والدولية (75%) والجمعيات الأهلية (70%) وقطاع الأعمال والشركات (70%). وهذا يعني أن الناس ينتظرون من الحكومات القيام بالدور الرئيسي، يليها المواطنون العاديون وهيئات أخرى. ومن اللافت أن نسبة كبيرة وصلت الى ثلاثة من كل أربعة مشاركين رأت أن هناك دوراً أساسياً لمنظمات الأمم المتحدة في حماية البيئة. وبينما وجد معظم المشاركين (90%) أنه يمكن للمنظمات الأهلية أن تلعب دوراً رئيسياً في حل المشاكل البيئية.

وتوزعت المشاكل البيئية التي حددها المشاركون كأولويات في المنطقة العربية على ندرة مصادر المياه وتعرية الغابات والتصحر وتلوث الشواطئ والمياه وتلوث الهواء والتلوث الصناعي والمبيدات ومعالجة النفايات والسلوكيات غير البيئية وضعف برامج التوعية. وجاء تغير المناخ في أدنى قائمة الاهتمام. ورأت غالبية المشاركين أن الأسباب الرئيسية للتدهور البيئي تكمن في: ضعف السياسات المتبعة للحد من التلوث، وعدم تطوير أجهزة الرقابة بما يتناسب مع النمو، والمخلفات الصناعية السامة، وسوء استغلال الموارد الطبيعية والجهل بسبب نقص التوعية البيئية.

واللافت أيضاً أن غالبية المشاركين (أكثر من 90%) أبدت استعدادها للقيام بممارسات سليمة بيئياً في الحياة اليومية للحفاظ على سلامة البيئة، مثل: شراء سلع صديقة للبيئة، تقليل كمية النفايات، التوفير في استهلاك الكهرباء والماء، استعمال وقود خال من الرصاص. والنشاط الوحيد الذي حظي بنسبة قبول أقل في هذه المجموعة كان استعمال وسائل النقل العام، اذ رفضه واحد من خمسة من المشاركين (20%). وكان هذا واضحاً جداً في دول الخليج، لارتفاع مستوى الدخل وانخفاض سعر الوقود.

ويمكن الخروج من التقرير الاحصائي بالملاحظات العامة التالية:

1.   المشاركون من أصحاب الدخل المتوسط كانوا الأكثر اهتماماً بالبيئة واستعداداً للمساهمة الشخصية في حمايتها، بما فيه دفع ضرائب أعلى. وأصحاب الدخل ما فوق المتوسط هم الأقل اهتماماً.

2.      معظم الجمهور العربي على اطلاع بالمصطلحات البيئية الرئيسية المستعملة على مستوى العالم اليوم.

3.   ينتظر الجمهور من الحكومات لعب الدور الرئيسي في التخطيط البيئي ووضع السياسات البيئية. كما ينتظرون دوراً أكبر من المنظمات الأهلية والحكومية والدولية ويعقدون عليها آمالاً في دعم العمل البيئي.

4.   سجل اللبنانيون مستويات عالية في معرفة المشاكل البيئية. وقد يعود هذا الى الوعي الذي تبع أزمة النفايات السامة، وكثرة الجمعيات البيئية، والتغطية الاعلامية الحرة للمشاكل.

5.   سكان دول الخليج، خاصة السعودية والامارات، أكثر تفاؤلاً بوضع البيئة في بلدانهم من أي منطقة عربية أخرى. وهذا يعود الى تمكنهم خلال العقدين الماضيين من تحقيق مشاريع كبرى في تشجير الصحراء، إضافة الى أن الكثافة السكانية المنخفضة في تلك البلدان تشكل ضغطاً أقل على البيئة.

6.      يرى الناس أن المشاكل البيئية في دول المشرق العربي أكثر منها في دول الخليج والمغرب.

7.      مستويات الدخل الأدنى في دول المغرب قد تكون شكلت عاملاً إيجابياً للبيئة، اذ حدت من استنزاف الموارد الطبيعية.

8.      الشباب والطلاب والأساتذة وذوو الدخل المتوسط وما دون كانوا أفضل المجموعات في مستوى الوعي البيئي.

9.      مستوى الوعي البيئي أعلى عند المجموعات التي تقرأ أكثر. أفضل الاجابات جاءت من قراء مجلة "البيئة والتنمية".

10. رفع مستوى الوعي وتعميم المعرفة البيئية حاجة ملحة لدى جميع الفئات وفي جميع مناطق العالم العربي. فكلما ازدادت المعرفة بالمشاكل البيئية ازداد الاستعداد للالتزام بخطوات وممارسات لحلها.

 

نتائج هذا الاستطلاع رسالة واضحة من الجمهور العربي الى المسؤولين في البلدان العربية، ان هناك اجماعاً لدى الرأي العام على حماية البيئة، واستعداداً للمساهمة الشخصية لانجاح البرامج البيئية. فعسى أن تكون مواقف الرأي العام المتقدمة دافعاً لسياسات وبرامج بيئية متطورة في العالم العربي، تواكب طموحات الناس. وستعمل الأطراف المشاركة في هذا الاستطلاع على استلهام آراء الجمهور في تخطيط برامجها وأولوياتها.

ويأمل منظمو الاستطلاع أن يتم تكراره على نطاق أوسع بمشاركة شرائح أكبر من المجتمع العربي، ليكتسب صفة أكثر تمثيلاً ودقة لتطورات اتجاهات الرأي العام العربي البيئية، ولمحاولة تحديد مدى مواكبة العمل والأفعال للأقوال والنيات.

 

29 آذار (مارس) 2000

 

عبدالرحمن السحيباني

الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية

جامعة الدول العربية

محمود يوسف عبدالرحيم

المدير الاقليمي لغرب آسيا

برنامج الأمم المتحدة للبيئة

نجيب صعب

الناشر / رئيس التحرير

مجلة "البيئة والتنمية"

 

عودة
افلام الصور اخبار و مقابلات